تميم البرغوثي : قالت مها<br /><br />قالتْ مها مالهُ ما همَّها مالي<br />وهمُّها الهمُّ لكنْ دّمعُها غالي<br />تَرُدُّ عن عينها عيني وتَشغَلُني<br />عن حالها بسؤالي كَيفَ أحوالي؟<br />بَنو الحروبِ بنا من حُزننا خجلٌ<br />إذا حَزِنّا اعتَذَرنا يا ابنةَ الخالِ<br />ويا مها دَعْكِ مِنَّا إنَّهُ زَمَنٌ<br />تَداولَ الناسً الموتَ فيهِ كالمالِ<br />تَدَاولوهُ إلى أنْ أشبَهوهُ فهُمْ<br />صُمُّ الملامحِ من شيبٍ وأطفالِ<br />تّكَرّرَ الأمرُ حتى لم يَعُد خَبَراً<br />يُرى ويُسمعُ لكنْ ليسَ في البالِ<br />طولُ الحضورِ شبيهٌ بالغيابِ ومّنْ<br />تَذّكّرَ الموتَ عدّى عنه كالسالي<br />فهُمْ إذا قابلوهُ صُدفةً صَدَفُوا<br />عن دَربِهِ بين إجلالٍ وإهمالِ<br />ما أعرضوا عنهُ إلّا قابلينَ بهِ<br />لا فَرقَ ما بينَ إعراضٍ وإقبالِ<br />وَهمُ الدوامِ ضروريُّ يُعاشُ بهِ<br />ورُبَّما رَوِيَ الظمآنُ بالآلِ<br />إنّي لَيُتعِبُني يأْسي وأُتعِبُهُ<br />إذْ أَنَّ ما زادَ يأسي زادَ آمالي<br />نحنُ الذينَ مشينا للجيوش وقد<br />مَشَتْ لنا, مَشْيَ أهوالٍ لأهوالِ<br />بلا سلاحِ سوى حبرٍ على ورقٍ<br />ولا دُروعِ سوى خَلٍّ على شالِ<br />يَرمي الفتى نفسهُ فوقَ الجنودِ بما<br />في الصَدرِ من كَرَمٍ مُحْيٍ وقَتَّالِ<br />كَمْ أَلفِ دبّابةٍ والجُندُ تَقْدُمُها<br />صَفّاً من النَملِ يحمي صَفَّ أفيالِ<br />كَأنّها كلّما صَرَّتْ جَنازِرُها<br />والغالزً يَحجُبُها أسرابُ أغوالِ<br />عّرَّفَها الناسُ ما أحجامُ أرجُلِهِمْ<br />لمّا عَلَوْها جَهاراً في الضُحى العالي<br />والجُندْ وّلَّوا كنًملٍ جاءَهُ مطرُ<br />أو نائمينَ عُراةٍ يومَ زِلزالِ<br />نَضَوا ملابِسهم أنْ يُعرَفوا فَزَعاً<br />والعُمرُ أثمَنُ مِنْ ثَوبٍ وسِربالِ<br />حتى رَمَوا رُتَبَ الأكتافِ فَاتَّشَحتْ<br />بها الشوارعُ فَانظُرْ طيِّبَ الفالِ<br />والعُزَّلُ انتًصروأ الّلهم صلِّ على<br />مُحَمدٍ وعلى الأَصحابِ والآلِ<br />واليومَ نحنُ أُسارىً في منازِلنا<br />ويَسأَلُ الحُرُّ مِنّا أيُّنا التالي؟<br />وأدرَكَ الوَغدُ مِنّا ما أرادَ بنا<br />فكُلّنا ما بينَ مخذولٍ وخَذّالِ<br />والناسُ إن وَجَدوا الأحرارَ في<br />كُرَبٍ, تّناذلوا وهُمُ لَيسوا بِأنذالٍ<br />فالناسُ كالناسِ إلّا أنّهُم يَئِسوا<br />مِن صَدِّ أرتالِ هَمٍّ بَعدَ أرتالِ<br />مِنَ المصائبِ لاذوا بالمصائِبِ<br />كالأسماكِ فَرَّتْ من المِقلاةِ للقالي<br />والمَرءُ يَيأسُ من إبراءِ عِلَّتِهِ<br />إنْ عاوَدَتهُ مِراراً بعد إبلالِ<br />أبشِر إذا ما رَأَيتَ اليأسَ مُكتَمِلاً<br />ولَم تجِدْ حيلةً فيهِ لِمُحتالِ<br />فإنَّ في كلِّ يأسٍ كاملٍ أملاً<br />وكَمْ نبيٍّ خَفِيٍّ تحتَ أسمالِ<br />سَيُهزِمُ الوَغدُ مُختالاً بِنَصرَتِهِ<br />فَلَيسَ أسهلُ منْ إهلاكِ مُختالِ<br />هذي الميادينُ فيما بيننا حَكمُ<br />وسوفَ يدري الأعادي أيُّنا الجالي<br />أودَت ذَخائرُهم إلّا فَوارِغُها<br />فالآن يُوفَونَ مِثقالاً بمِثقالِ<br />نرى القديمَ جديداً من بَراءتنا<br />وهوَ المُعادُ لِأجيالٍ وأجيالِ<br />شَعبُ يسيرُ بِراياتٍ مُلوَّنةٍ<br />لِدولةٍ وَقَفتْ بِالأكْدَرِ البالي<br />فإنْ تَجَمَّعَ باتَ المُلْكُ غَلَّتهُ<br />وإنْ تَفَرَّقَ أمسى رهنَ أغلالِ<br />وحُلَّةُ الدولةِ الجرباءُ تُحرَقُ<br />لا تُطلى بقارٍ وإلّا أَعْدَتِ الطالي<br />أَجدِرْ بما كانَ يَوماً أن يكونَ غداً<br />فالدَهرُ بعدُ خيوطٌ فوقَ أنوالِ<br />قد يلحقُ الذُلُّ غَلّاباً بلا شَرَفٍ<br />والنصرُ يُهدى لمغلوبينَ أبطالِ<br />