تميم البرغوثي : قفي ساعة <br /><br />قِفِي ساعةً يَفْدِيكِ قَوْلي وَقَائِلُهْ وَلا تَخْذِلي من باتَ والدَّهْرُ خَاذِلُهْ<br /> بِدَمْعٍ جَوَادٍ مَا يُخَيَّبُ سَائِلُهْ <br />إذا ما عَصَاني كُلُّ شَيءٍ، أَطَاعَني وَلم يَجْرِ في مَجْرَى الزَّمَانِ يُبَاخِلُهْ<br />بإحدَى الرزايا اْبْكِي الرزايا جَمِيعَها كذلكَ يَدْعُو غَائِبَ الحُزْنِ مَاثلُهْ<br />إذا عَجِزَ الإنسانُ حتى عن البُكا فقد باتَ محسوداً على الموتِ نائلُهْ<br />يطولُ انتظارُ المرءِ إقبـالَ عَيْشِهِ فَيُدْبِرُ حتى ينزِلَ القبرَ نَازِلُهْ<br />وإنَّكَ بينَ اثنينِ فاْخْتَرْ ولا تَكُنْ كَمَنْ أَوْقَعَتْهُ في الهَلاكِ حَبَائِلُهْ<br />فَمِنْ أَمَلٍ يَفْنَى لِيَسْلَمَ رَبُّهُ وَمِنْ أَمَلٍ يَبْقَـى لِيَهْلَكَ آمِلُهْ<br />فَكُنْ قَاتِلَ الآمالِ أَوْ كُنْ قَتِيلَها تَسَاوَى الرَّدَى يا صَاحِبي وَبَدَائِلُهْ<br />أنا عَالِمٌ بالحُزْنِ مُنْذُ طُفُولَتي رَفِيقِي فَما أُخْطِيهِ حِينَ أُقَابِلُهْ<br />وإنَّ لَهُ كَفَّاً إذا ما أرَاحَها عَلَى جَبَلٍ ما قامَ بالكَفِّ كَاهِلُهْ<br />يُقَلِّبُني رَأْسَاً عَلَى عَقِبٍ بها كَمَا أَمْسَكَتْ سَاقَ الوَلِيدِ قَوَابِلُهْ<br />وَيَحْمِلُني كَالنَّسْرِ يَحْمِلُ صَيْدَهُ وَيَعْلُو بِهِ فَوْقَ السَّحَابِ يُطَاوِلُهْ<br />فَإِنْ فَرَّ مِنْ مخلابِهِ طاحَ هالكاً وإنْ ظَلَّ في مخلابِهِ فَهْوَ آكِلُهْ<br />عزائي من الظُلاَّمِ إنْ مِتُّ قَبْلَهُم عُمُومُ المنايا ما لَها من تُجامِلُهْ<br />إذا أَقْصَدَ الموتُ القتيلَ فإنَّهُ كذَلِكَ ما يَنْجُو مِنَ الموتِ قَاتِلُهْ<br />فَنَحْنُ ذُنُوبُ الموتِ وَهْيَ كَثِيرَةٌ وَهُمْ حَسَنَاتُ الموتِ حِينَ تُسَائِلُهْ<br />يَقُومُ بها يَوْمَ الحسابِ مُدَافِعاً يَرُدُّ بها ذَمَّامَهُ ويُجَادِلُهْ<br />ولكنَّ قَتْلَىً في بلادي كَرِيمةً سَتُبْقِيهِ مَفْقُودَ الجَوَابِ يُحَاوِلُهْ<br />تَرَى الطِّفْلَ مِنْ تَحْتِ الجِدَارِ مُنَادِياً أبي لا تَخَفْ والموتُ يَهْطُلُ وَابِلُهْ<br />وَوَالِدُهُ رُعْبَاً يُشِيرُ بِكَفِّهِ وَتَعْجَزُ عَنْ رَدِّ الرَّصَاصِ أَنَامِلُهْ<br />أَرَى اْبْنَ جَمَالٍ لم يُفِدْهُ جَمَالُهُ وَمُنْذُ مَتَي تَحْمِي القَتِيلَ شَمَائِلُهْ<br />عَلى نَشْرَةِ الأَخْبَارِ في كُلِّ لَيْلَةٍ نَرَى مَوْتَنَا تَعْلُو وَتَهْوِي مَعَاوِلُهْ<br />أرى الموتَ لا يَرْضَي سِوانا فَرِيسَة كَأَنَّا لَعَمْرِي أَهْلُهُ وقبائلُهْ<br />لَنَا يَنْسُجُ الأكفانَ في كُلِّ لَيْلَةٍ لخمسينَ عاماً ما تَكِلُّ مَغَازِلُهْ<br />وَقَتْلَى عَلَى شَطِّ العِراقِ كَأَنَّهُم نُقُوشُ بِسَاطٍ دَقَّقَ الرَّسْمَ غَازِلُهْ<br />يُصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ يُوطَأُ بَعْدَها وَيَحْرِفُ عَنْهُ عَيْنَهُ مُتَنَاوِلُهْ<br />إذا مَا أَضَعْنا شَامَها وَعِرَاقَها فَتِلْكَ مِنَ البَيْتِ الحرامِ مَدَاخِلُهْ<br />وما مَيَلانُ الدَّهْرِ مَيْلُ قَوَامِهِ وَلَكِنْ يَمِيلُ الدَّهْرُ لو قَامَ مَائِلُهْ<br />أرى الدَّهْرَ لا يَرْضَى بِنَا حُلَفَاءَهُ وَلَسْنَا مُطِيقِيهِ عَدُوَّاً نُصَاوِلُهْ<br />فَهَلْ ثَمَّ مِنْ جِيلٍ سَيُقْبِلُ أَوْ مَضَى يُبَادِلُنَا أَعْمَارَنا فَنُبَادِلُهْ<br />