تميم البرغوثي : قملة القرش : سمك الريمورا<br /><br />سمك الريمورا<br /><br />واسمه أيضاً قملة القرش <br /><br />يكاد يعجز عن السباحة بنفسه<br /><br />تحولت زعانف بطنه الى قرص ماص<br /><br />ليلتصق بأجسام القروش <br /><br />فتسبح به<br /><br />يمرَّ التيار في خياشيمه فيتنفس<br /><br />ولا يأكل الا من فضلاتها<br /><br />هكذا يشعر بالأمان<br /><br />ثم بالثقة<br /><br />ثم بالسطوة <br /><br />حتى كأنه هو القرش <br /><br />فأي حيوان البحر يجرؤ على افتراسه وهو في مكانه ذاك <br /><br /><br />دعك من التشبيه البديهي له برجل الأمن<br /><br />ولكن شبهه بالبشرية كلها<br /><br /><br /><br />مشكلتنا منذ كنّا أننا نموت<br /><br />وبدلا من نشتغل جميعا بالطب<br /><br />فضلنا أن نتقاتل <br /><br />فالقتل <br /><br />يتيح لنا الاستمتاع بلحظة وهم عابرة <br /><br />نبدو فيها وكأن لنا سلطة على الموت<br /><br />يظن القاتل أن الموت يطيعه<br />ويظن الناجي أنه عصى الموت <br />في الحالين يوهمنا القتال، أننا القادرون وأن الموت هو العاجز<br />بينما الحق، أننا في كل حروبنا، نقبل يد الموت لأننا نعجز عن كسرها<br /><br />نلبس الزي المرقط الأكدر، وما تيسر من سلاح مضك مبك، ونلتصق بظهر الموت التصاقاً<br />تماما كما يفعل سمك الرمورة<br />المسمى قملة القرش<br /><br />ولكي نحسن الالتصاق<br /><br />طورنا زعانف ماصة كالرقع<br /><br />وألفنا لها الأسماء والأعلام والأناشيد <br /><br />والمقاعد في الأمم المتحدة<br /><br />وأسميناها جمهوريات وممالك<br /><br />وزخرفنا هذا التشوه الخَلقي<br /><br />فالوهم يحتاج الى الزخرف<br /><br />بل لا شيء في الدنيا يحتاج الى الزخرف كالوهم<br /><br />انظر مثلاً إلى قبور الفراعين <br />والمعابد المشيدة على أسماء القياصرة<br />والى النياشين التي لا يفهمها أحد على صدر رئيس الجمهورية<br />لم يحارب إلا الباعة الجائلين<br />والشباب في الميادين<br />نزخرف الوهم، ونغني له<br />ونعيش على الموت<br /><br /><br />إن صورة البحارين المعتوهين<br /><br />إذ يتقاتلون على قبعة القبطان ذات الريش والسفينة تغرق، <br /><br />مكررة في الأدب والأمثال<br /><br />لكن المصور لو وسع البؤرة<br /><br />لتبين أن البحارين يرونها تغرق<br /><br />ويدرون أن لا حيلة لهم فيها <br /><br />فيتسلون بإغراقها<br /><br />ليشعروا ببعض القوة<br /><br />وبعض المعنى<br /><br />وكما تتوهم قملة القرش أنها القرش نفسه<br />تتوهم الدولة أنها القدر، و أن لها صلاحيه وأن الموت الذي تلتصق به وتعيش على ظهره موت مجيد<br />بل هو الحياة ذاتها<br />بل خير من الحياة<br />هو الخلود لا أقل <br /><br />الحرب والدولة والمجد المزخرف الذي يلفهما<br /> اختراع أناس لم يقدروا على الموت فتطفلوا عليه وركبوا على ظهره<br />وظنوا أنهم يملكونه<br /><br />والموت، كالقرش، يتثاءب<br /><br />
