تميم البرغوثي : يا مُدْرِكَ الثَّارَات<br /><br />يا مُدْرِكَ الثَارَاتِ أَدْرِكْ ثَارَنا<br />وَاحْفَظْ عَلَى أَوْلادِنَا أَخْبَارَنا<br />إذ اعْتَبَرْنَا المَوْتَ ضَيْفَاً زَارَنا<br />قُمْنَا وَقَدَّمْنَا لَهُ أَعْمَارَنا<br />وَمَا اسْتَشَرْنَاهُ وَلا اسْتَشَارَنا<br />نَخْتَارُهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَخْتَارَنا<br /><br />يَا مُدْرِكَ الثَارَاتِ لا تَرْضَ الدِّيَة<br />في المسجِدِ الأَقْصَى اذْكُر المُصَلِّيَة<br />يَرْمُونَ في وَجْهِ الجُنُودِ الأَحْذِيَة<br />نِعَالُهُم عَلى العِدَى مُسْتَعلِيَة<br />قِسِ المسافاتِ وقُلْ لي كَمْ هِيَه<br />وَكَم عَلَتْ عَلَى الخَبِيثِ نَعلِيَه<br />يُعْجِبُنِي إِذْ يَرْفَعُ الدِّرْعَ لِيَه<br />وَيَنْحَنِي بِرَأسِهِ كي يَحمِيَه<br />ذِي وَحْدَهَا قَصِيدَةٌ مُسْتَوْفِيَة<br />انْظُرْ إِلَيَّ وَانْظُرَنْ عَدُوِّيَه<br />مَن بَينَنَا هَامَتُهُ مُنْحَنِيَة<br />بَعْضُ وَظَائِفِ الدُّرُوعِ مُخْزِيَة<br />يُجبِرُها وَدِرْعُهُ مُسْتَعفِيَة<br />رُبَّ نَجَاةٍ بِالحَيَاةِ مُودِيَة<br />وَمِيتَةٍ لِرَبِّها مُنَجِّيَة<br />وَرُبَّ رَاجٍ رَبَّهُ أَنْ يُعفِيَه<br />يَصُدُّ عَنْ تِلكَ الطَّرِيقِ المُرْدِيَة<br />لكِنْ شَجَاعَاتُ الرِّجَالِ مُعْدِيَة<br />تَرَى الفَتَى يَتْلُو الفَتَى لِيَفْدِيَه<br />فَإنْ هَوَى لم يَرْضَ أنْ يُخَلِّيَه<br />يقولُ يا أخي وَيَا ابْنَ أُمِّيَه<br />يا نَسْمَةَ الصُّبْحِ وَنَارَ الأُمْسِيَة<br />لا أَقْبَلُ المَنِيَّةَ المُنْتَقِيَة<br />حَتَّى تَكونَ بَيْنَنَا مُسَوِّيَة<br />يَعصِي النَّصِيحَ وَالمنايا مُغْرِيَة<br />وَعِنْدَها يَا رَبِّ تَحلُو المعصِيَة<br />ثُمَ تَرَى الدُّخَانَ غَطـَّى الأَبْنِيَة<br />أبْنِيَةٌ من حَجَرٍ وَأَدْعِيَة<br />تَحفَظ في جُدْرانِها أَسْرَارَنا<br />وَنَحْنُ قَوْمٌ لا نُضِيعُ جَارَنا<br />وقد جعَلنَا موتَنا اعتذارَنا<br />يا مُدْرِكَ الثَارَاتِ أَدْرِكْ ثَارَنا<br /><br />يا مُدْرِكَ الثَارَاتِ إنْ ثَأرٌ وَجَب<br />جِئْنَاكِ فَاحْكُمْ في اليَهُودِ والعَرَب<br />في المسجِدِ الأَقْصَى دُخَانٌ وَلَهَب<br />وَفِيهِ آلافٌ مِنَ الجُنْدِ الجَلَب<br />يُقَتِّلُونَ النَّاسَ مِن غَيْرِ سَبَب<br />نَحْنُ ذَوو المَوْتِ إذا المَوْتُ انْتَسَب<br />نَحمِي هَوَاءَ السَّرْوِ مِنْ أَنْ يُغْتَصَب<br />وَقُبَّتَيْنِ مِنْ رَصَاصٍ وَذَهَب<br />إِرْثَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِب<br />وإرثَنَا المأَثُورَ مِنْ أَبٍ لأَب<br /> نَسِيرُ للمَوْتِ كَأَنَّا في طَرَب<br />وَقَدْ صَحِبْنَاهُ وَطَالَ المُصْطَحَب<br />حَتَّى عَرَفْنَا مَا قَلَى وَمَا أَحَب<br /> مُعَوَّدٌ عَلَى الجَلالِ وَالرَّهَب<br />فِإنْ رَآكَ لَم تَخَفْ مِنْهُ اضْطَرَب<br />وَنَحنُ مِنَّا كُلُّ مَعروفِ النَّسَب<br />إذا رَأَى المَوْتَ عَلَى البُعدِ اقْتَرَب<br />وَجَرَّه مِنَ النَّوَاصِي للرُّكَب<br />وَقَالَ: يا هَذَا تَعَلَّم الأَدَب <br />وَاحْفَظْ مَقَامَاتِ الرِّجَالِ وَالرُّتَب<br />نَطْلُبُهُ إِذَا تَوانَى في الطَّلَب<br />وَنَلْحَقُ المَوْتَ لِحَاقَاً إِنْ هَرَب<br />فِإنْ تَعِبْنَا فَهْوَ أَيْضَاً في تَعَب<br />نَخْجَلُ إلا في الهَوَى وفي الغَضَب<br />وَلا نُطِيعُ ظَالماً وإِنْ غَلَب<br />نَحنُ فُرَادى عُزّلٌ وَهُم عُصَب<br /> يا مَوْطِنَ الحُسْنِ إذا الحُسْنُ اغْتَرَب<br />بُرَاقُنَا للحَرْبِ مَشْدُودُ العَصَب<br />مِنَ السَّمَاءِ نَحوَ دُورِنَا رَنا<br />فَاخْتَارَ عَنْ دِيارِهِ دِيارَنا<br />مُجَنِّحَاً في مَوْتِهم أَحرَارَنا<br />يا مُدْرِكَ الثَارَاتِ أَدْرِكْ ثَارَنا<br />